خبر زلج .. لمن لايعرف عن ملابسات اغتيال الفنان علي السمه

كتب / علي عبد الملك الشيباني


علي السمة، احد الفنانين اليمنيين اللذين ادمنت الاستماع الى اغانيهم في وقت مبكر من حياتي.

علي السمة، علي الانسي، ايوب طارش ابرز واكثر من كنت استمع لاغانيهم من فناني اليمن الشمالي. اما جنوبا فقد كان الفنان محمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبد الله، افضل من كانا يطربان طبلات اذني بأغانيهم وطبقات اصواتهم الجميلة، وتحديدا تلك الاغاني بكلماتها والحانها التراثية.

الفنانون احمد عبيد قعطبي، عوض عبد الله المسلمي، عبد القادر بامخرمة، وهم من اوائل من رفدوا الاغنية اليمنية بتلك االالحان التراثية الصادحة بروائع الحانها وابيات شعرها الحميني، والتي حين تسمعها تجد نفسك محلقا خارج زمان ومكان اللحظة ، وبما يوصلك الى قناعة بأن هذه الاغنية او تلك، لم تكن سوى تعبير عن تجربة عاطفية حقيقية عاشها كاتب كلماتها وليس حلما عاطفيا.

اثناء دراستي في الاتحاد السوفييتي ( 83- 89) كنت احرص اثناء قضاء اجازتي الصيفية في اليمن، على شراء مالا يقل عن ثلاثين شريط لمجموع الفنانين المشار لهم واخرين، وان كانوا لايرتقوا في مسمعي لمستواهم الفني.

بعد مرور خمسين عاما على ارتباطي بأصواتهم والحانهم الطربية، مازلت استمع لأغانهم من التسجيلات التي تزخر بها بعض المواقع الالكترونية

قبل قليل كنت استمع لعدد من تسجيلات الفنان على السمه كعادتي كل يوم، ولاادري كيف حضر في ذهني نباء اغتياله العام 1982م، وكنت حينها ضمن الدفعة الثالثة لخدمة الدفاع الوطني في سوادية البيضاء.

تردد حينها، او هكذا عمم خبر اغتياله بتعمد ربطه بقضية اخلاقية، في مجتمع يرى في ذلك ردا طبيعيا ازاء من يقدم على خطوة من هذا القبيل.

المشكلة وحتى اللحظة، هناك من لايزالون يرددون هذه الحكاية، وان كنت لاالوم غالبيتهم بالنظر الى عدم معرفتهم عن علاقته الحزبية.
ولاادري لماذا اجد نفسي بالمقابل ملزما بتوضيح حقيقة جريمة مقتله ومن يقف خلفها.

الفنان علي السمة، كان ينتمي لاحدى الفصائل الخمس المكونة للحزب الاشتراكي اليمني، واظنه وان كنت غير متأكد من هذه المعلومة انه كان منتميا للحزب الديموقراطي الثوري ، وكانت هذه الفصائل من اكثر التوجهات السياسية نشاطا، واكثرها رصدا ومتابعة من قبل جهاز الامن الوطني في الجمهورية العربية اليمنية انذاك، اذا كانوا ينظروا لها باعتبارها اشكال اشتراكية وشيوعية يتعارض وجودها حتى مع ديننا الاسلامي، وخاصة مع وجود وشراكة جماعة الاخوان وهيمنتهم على جهاز الامن الوطني.

كان الفنان السمة يتردد على عدن بين فترة واخرى بغرض تسجيل اغانيه الجديدة، الى جانب انه وفي منتصف السبعينات التحق هناك بالمعهد الموسيقى للتدرب على العزف، وكانت هذه العلاقة بعدن احد دوافع انتماءه السياسي، مع الاخذ بالاعتبار فارق المظاهر العامة والحياة المدنية التي كانت تتصف بها عدن، مقارنة بالواقع الاجتماعي التقليدي في شمال اليمن.

هذه الفصائل كانت مدعومة من قبل نظام اليمن الجنوبي، وبما ضاعف نظرة العداء المبالغ لها، الى جانب ان الفنان علي السمة شخصية عامة ومن صنعاء، وبالتالي لم يستوعبوا انضمامه الى احدى هذه الفصائل وفي ظل عمل سياسي سري لايسمح بالنشاط الحزبي بشكل عام.

من هذه المنطلقات اقدم جهاز الامن الوطني في اعتقادي على اغتيال الفنان على السمة، ومن ثم تبرير جريمتهم من خلال ربطها بموضوع اخر تخوفا من حضوره الجماهيري وانعكاس تأثيره على الجانب السياسي، وبدافع الاساءة لشخصه وتاريخه الفني الجميل.