وهج نيوز / متابعات
دعت الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، الشباب من مختلف دول العالم إلى قيادة التغيير وبناء عالم أكثر عدلاً وإنسانية، مؤكدة أن “القيادة في هذا العصر لا تُقاس بالقوة العسكرية أو الثروة، بل بالقدرة على شفاء الجراح وتوحيد البشر وإحداث التحول الإيجابي”.
جاءت تصريحات كرمان خلال كلمتها في القمة العالمية للشباب 2025 المنعقدة في مدينة ميونيخ الألمانية، وتعد القمة العالمية للشباب منصة دولية تجمع آلاف القادة الشباب من أكثر من 190 دولة لعرض أفكارهم ومبادراتهم في مجالات التنمية والسلام والعدالة والمناخ.
وقالت كرمان في خطابها الذي حظي بتفاعل واسع” “يا صُنّاع التغيير، أنتم لستم قادة الغد فحسب، بل أنتم قادة الحاضر. لقد حكمت البشرية قروناً من الزمن من قبل من اعتقدوا أن السلطة ميراثهم، لكن هذا الجيل يثبت أن القيادة تُصنع بالضمير والشجاعة والمعرفة والرحمة”.
وأضافت أن العالم يقف اليوم عند نقطة تحول غير مسبوقة، حيث “تحترق الأرض، وتنزف الديمقراطية، وتغرق الحقيقة في محيط من الأكاذيب”، داعية الشباب إلى التحرك لإنقاذ الكوكب والإنسانية من أزماتها السياسية والبيئية والأخلاقية.
وانتقدت كرمان بشدة الشركات الكبرى والدول الغنية التي قالت إنها “تبني ثرواتها على حساب الشعوب الفقيرة”، مؤكدة أنه “لا ينبغي لأي اقتصاد أن يزدهر في ظل الظلم، أو أن تُبنى الثروة على معاناة الآخرين”.
وأضافت: “العدالة للشعوب الأصلية هي عدالة للبشرية جمعاء. علينا أن نبني اقتصادات قائمة على الابتكار والإنصاف لا على الاستغلال ونهب الموارد”.
وفي رسالتها إلى قادة الأعمال، شددت كرمان على ضرورة الجمع بين النجاح الاقتصادي والمسؤولية الأخلاقية، قائلة: “الربح مهم، لكن العظمة والنبل أهم. لا تبنوا مجداً على حساب كرامة الناس أو بيئتهم، بل ابنوا اقتصاداً يرفع المجتمعات لا ينهبها”.
وتطرقت الناشطة اليمنية إلى قضايا الهجرة واللاجئين، ووصفتها بأنها “قصة إنسانية وصمود وليست أزمة”، مشيرة إلى أن “العالم الذي يشتكي من اللاجئين هو نفسه الذي صنع الحروب والدكتاتوريات والفقر الذي أجبرهم على الفرار”.
وأضافت: “إذا كنا نريد وقف الهجرة، فعلينا أن نوقف أسبابها: الحروب، الاستغلال، الفساد، والظلم”.

وفي سياق حديثها عن الحروب الجارية، دعت كرمان إلى التضامن مع الشعوب المقهورة، قائلة: “قفوا مع غزة، مع السودان، مع اليمن وسوريا ولبنان وأوكرانيا. قفوا مع كل نفس مضطهدة. ليس لأنهم عرب أو أفارقة أو مسلمين، بل لأنهم بشر. النضال من أجل الحرية واحد، عبر الأمم والثقافات والأديان، لأن كرامة الإنسان لغة عالمية”.
كما وجهت رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولي، خصوصاً ألمانيا، قائلة: “لقد قالت ألمانيا ذات مرة (Nie wieder) – لن يتكرر ذلك أبداً. واليوم، يجب تجديد هذا الوعد في غزة، وفي فلسطين، وفي كل مكان يعاني فيه الناس من الاحتلال والطغيان. لا يمكن أن تكون الإنسانية انتقائية”.
واختتمت كرمان كلمتها برسالة أمل إلى الشباب، معتبرة أن هذا الجيل يمتلك الأدوات والحكمة لإنقاذ العالم. وقالت:
“كونوا الجيل الذي يُنهي الفساد بدل التذمر منه. ابنوا شركاتٍ ومؤسساتٍ لا تُعامل الناس كأرقام بل كشركاء في الإنسانية. ابتكروا بجرأة، ابنوا بأخلاق، قولوا الحقيقة بلا خوف، واحموا الحرية بلا هوادة”.
وصٌنفت كلمة توكل كرمان من أبرز كلمات القمة، إذ لاقت إشادة واسعة من الحضور ووسائل الإعلام الدولية، لجرأتها في طرح قضايا العدالة والحرية والمساءلة الأخلاقية في عالم تتزايد فيه النزاعات وتتعاظم فيه فجوة اللامساواة.