بقلم / جمال صالح لهطل
في لحظة صادمة وموجعة استُحضرت إلى ذهني مقولة الشهيد العميد عدنان الحمادي: من يديرون تعز ليسوا رجالاً .
هذه العبارة لم تكن مجرد نقد عابر بل تحولت اليوم إلى وصف دقيق لواقع مأساوي يتجلى في جريمة اغتيال الأستاذة افتهان المشهري، وهي من أبرز القيادات المجتمعية النسائية في تعز.
تعز، المدينة التي لطالما رفعت راية الثقافة والمدنية أصبحت اليوم مسرحاً لجرائم لا تليق بتاريخها ولا بمكانتها.
اغتيال امرأة بحجم افتهان المشهري المعروفة بفصاحتها، وثقافتها، وحضورها المؤثر في الشأن العام ليس مجرد جريمة جنائية بل هو مؤشر خطير على مدى الانحدار الذي تعيشه هذه المدينة التي يُفترض أن تكون منارة للتنوير.
من المؤسف أن نجد في صفوف من يديرون الشأن العام في تعز من لا يُجيد حتى الحديث بالعربية الفصحى، ناهيك عن افتقارهم للرؤية والإرادة السياسية، هؤلاء في الغالب يتقنون فقط فنون التحايل والكسب غير المشروع ويُغلفون فشلهم بشعارات كاذبة عن الديمقراطية والمدنية.
إن اغتيال شخصية مثل افتهان المشهري يفضح المستور، ويكشف الوجه الحقيقي لتعز اليوم مدينة تحكمها التناقضات حيث يختلط الخطاب المدني بممارسات قبلية متخلفة وحيث يُدار المجتمع بعقلية الانتقام والكراهية لا بعقلية الدولة والقانون.
الأسوأ من كل ذلك أن بعض القوى الفاعلة لا تفرق بين رجل وامرأة ولا بين مدني ومجرم بل تمارس سلوكها على قاعدة جاهلية قديمة: ذلّ من لا سفيه له ، وكأن السفه أصبح معياراً للنفوذ والهيبة.
اليوم نحن أمام لحظة مفصلية لا تحتمل المجاملة أو الصمت، إما أن تنتصر تعز لقيمها الحقيقية أو تستمر في هذا السقوط الحر حتى تفقد ما تبقى من روحها وثقافتها وتاريخها.
العدالة لافتهان المشهري ليست فقط مطلباً إنسانياً بل ضرورة أخلاقية ووطنية لإنقاذ تعز من القاع الذي أوصلها إليه السفهاء.