وهج نيوز / وكالات
انقلبت إيطاليا رأساً على عقب بالإضرابات والاحتجاجات التاريخية التي تشهدها الآن، والتي أدت إلى شلل عام في الحياة والاقتصاد والحركة التجارية، وذلك تضامناً مع قطاع غزة ضد إسرائيل، إذ خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين تحت شعارات منها “لنعطل كل شيء”، للمطالبة بوقف شحنات السلاح المرسلة إلى إسرائيل، والضغط على الإسرائيليين لوقف الحرب على القطاع المحاصر.
انتشرت الصور ومقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي لتوثق توقف النقل العام والموانئ والسكك الحديدية، إضافة إلى فعاليات طلابية وجامعية شملت أكثر من 50 مدينة وفق اطلاع بقش، ولاقت هذه المشاهد ترحيباً واسعاً من رواد المنصات، فيما تحوّل وسم غزة إلى مساحة تفاعل كبيرة، عبّر خلالها النشطاء عن إعجابهم بالزخم الشعبي الذي منح المظاهرات طابعاً مختلفاً.
وفي المقاطع المتداولة ظهر محتجون يرفعون علماً فلسطينياً ضخماً يجوب الشوارع مرددين هتافات تصف الحرب على غزة بأنها “إبادة جماعية”، بينما حمل آخرون لافتات كتب عليها: “حرروا غزة، أوقفوا الإبادة”.
ونُظم الإضراب العام بدعوة من نقابات عديدة مثل “يو إس بي” و”كوباس” و”يونيكوباس”، وانضمت إليها حركات طلابية وجامعية، وجمعيات سلمية ومنظمات غير حكومية ومنظمات مشاركة في أسطول الصمود العالمي .
رافقت هذه التعبئة تحركات واسعة تمثلت في مسيرات واعتصامات ونصب خيم احتجاجية وإغلاق طرق سريعة وخطوط سكك حديدية، فضلاً عن اعتصامات أمام موانئ كبرى مثل “جنوة” و”ليفورنو” و”مارغيرا”، حيث أقدم عمال الموانئ على منع شحنات السلاح مما عطل حركة السفن والعمليات اللوجستية.
ويأتي ذلك في حين تتبنى الحكومة الإيطالية موقفاً حذراً من الحرب على غزة، رغم تصريحاتها المتكررة عن “القلق” إزاء الهجمات الإسرائيلية، إذ تقول الحكومة حسب متابعات بقش إنها لا ترغب في الاعتراف بدولة فلسطين “في الوقت الحالي” (على غرار إسبانيا وفرنسا كندا وأستراليا والبرتغال وبريطانيا)، وتتردد الحكومة الإيطالية في قبول العقوبات التجارية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي، وسط تقارب أيديولوجي مع إدارة ترامب.
المدن المشاركة بأعداد ضخمة
في العاصمة الإيطالية روما خرج أكثر من 50 ألف متظاهر بمسيرات ضخمة انطلقت من الجامعة وصولاً إلى محطة تيرميني، مع إغلاق بعض الطرق الرئيسية، وفي مدينة بولونيا خرج نحو 50 ألف متظاهر أيضاً، وامتدت مسيراتهم إلى الطريق السريع “إيه 14” ما أدى لتوقف حركة السير .
وفي ميلانو مسيرات حاشدة للطلاب والنقابات، وتخللتها صدامات مع الشرطة في محطة القطار المركزية “ميلانو سنترالي”، وفي تورينو وصل المحتجون إلى 10 آلاف محتج وفق الأرقام الرسمية وأكثر بكثير حسب المنظمين، مع فعاليات متواصلة منذ الصباح حتى منتصف الليل، شلّت حركة السير على الطرق الرئيسية.
وشهدت نابولي وباليرمو مظاهرات لنحو 20 ألف شخص، وفي فلورنسا أُغلقت مداخل الطريق السريع “إيه 1” عند كالينزانو، وخرج نحو 20 ألف متظاهر في مارغيرا قرب البندقية، بمشاركة واسعة من عمال الموانئ والطلاب. أما ترييستي فخرج فيها ما بين 3 آلاف و7 آلاف متظاهر.
فرض معادلات جديدة.
كما شددوا على أهمية التوقيت، إذ تتزامن هذه التعبئة مع تصريحات إسرائيلية تستهدف شيطنة أسطول الصمود العالمي المتجه نحو غزة، ونقاشات في بعض الأوساط الأوروبية تدعو إلى “العودة للحياة الطبيعية” رغم استمرار الحرب، واستعداد بعض الدول الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، بعد اعتراف بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا، بينما لا تزال إيطاليا متريثة.
ورأى بعض المعلقين (العرب والمسلمين) أن المشهد “ملهم لكنه يدعو للخجل”، في إشارة إلى أن الحراك انطلق من أوروبا لا من العالم العربي، فيما دعا آخرون إلى البناء على هذه الخطوة وتحويل شعار: “فلتعش غزة حرة أو ليتوقف العالم” إلى فعل سياسي ضاغط وحراك شعبي مستمر حتى كسر دائرة الصمت حيال ما وصفوه بـ”جريمة القرن” في غزة .