كتب / فتحي أبو النصر
في حادثة مدهشة وصادمة، خرج عبد الله أحمد علي العديني، النائب في البرلمان اليمني عن حزب التجمع اليمني للإصلاح، بتصريح غريب لا يمت بأي صلة إلى الوطنية أو الاحترام، إذ وصف من يردد أغاني الفنان الكبير أيوب طارش بـ”التافه”، بل واعتبر أن الأغاني التي قدمها هذا الفنان هي “أغاني تافهة”، سواء كانت غزلية أو وطنية، واصفا من يستمع إليها بأنه شخص تافه.
ما قاله العديني ليس مجرد انتقاص من أغاني أيوب طارش فحسب، بل هو إساءة لكل اليمنيين الذين اعتبروا هذه الأغاني عناوينا مهمة في ذاكرتهم الوطنية والثقافية. أيوب طارش ليس مجرد فنان، بل هو أيقونة من أيقونات اليمن، وصوت من أصواتها الكبرى التي تعبر عن آلامها وآمالها، وأغانيه تشكل قوة لا تتجزأ من قوة الذاكرة الجماعية للشعب اليمني. هو الصوت الذي رافق نضال الشعب اليمني في أصعب مراحله، ومن غير المقبول أبدا أن يتم تقليله أو الإساءة إليه بهذا الشكل المهين.
ان العديني، بهذا التصريح، وهو يعتلي منبر جامع النور في تعز اليوم ،لا يعبر فقط عن عدم احترام للفن اليمني، بل يضرب في قلب الهوية الوطنية، ويقزم من أدوار كبار الفنانين الذين قدموا الكثير لبلدهم. ولا يمكن للمرء إلا أن يشعر بالصدمة والغضب إزاء هذا التصريح الذي يعد إهانة لكل من يقدر هذا التراث الفني الذي يعد هوية للشعب اليمني.
ثم يأتي السؤال: أين موقف حزب التجمع اليمني للإصلاح من هذا التصريح؟ هل يرضى هذا الحزب أن يتم التهجم على رموز الفن والثقافة في اليمن بهذا الشكل الفج؟ هل هذا هو التصور الذي يود أن يقدمه للعالم عن نفسه وعن سياسته الثقافية؟ لا يمكن أن تظل هذه المواقف المظلمة والصادمة تمثل “النخبة السياسية” اليمنية. يجب أن يكون هنالك موقف واضح من الحزب يرفض مثل هذه التصريحات ويؤكد على احترام الفن والثقافة اليمنية.
ان اليمن اليوم بحاجة إلى أن تظل شعاراته الوطنية والتاريخية حية في ذاكرة أبنائه، والأصوات التي رفعت الأمل في قلوب اليمنيين في أوقات الصعاب يجب أن تحظى بالتقدير والاحترام. لا يمكن أن يكون هنالك مكان للأصوات المظلمة التي تسعى لتقزيم هذه رموزنا الفنية.بل نحن بحاجة إلى المضي قدما في تعزيز هويتنا وثقافتنا، وأن نكون فخورين بها، وليس أن نهدمها بأيدي من لا يعرفون قيمة الفن الوطني.
ويا ليتنا نرى من قيادة حزب الإصلاح موقفا يشدد على ضرورة الدفاع عن الشخصيات الايقونية المرموقة و المخضرمة في الثقافة والفن اليمنيين، وعلى رأسها فنانين مثل أيوب طارش، الذين قدموا للشعب اليمني أكثر من مجرد أغاني، بل قدموا له صورا من العزيمة والكرامة الوطنية.